السيفة ارفود
السيفة ارفود قصر الكلاكلة
الموقع الجغـرافي
تقع منطقة السيفة في الجنوب الشرقي لأقليم الرشيدية ، وسط واحة كثيفة من شجر النخيل والزيتون ، بموازاة وادي زيز شرقا ، ووادي غريس وجبال ( بولكرون ) غربا ، وبمحاداة مجال بني امحمد جنوبا وتزوينت وتزيمي شمالا . وتمتاز بانبساط أراضيها وخصوبتها ، وكثافة أشجارها، مما جعل منها قطبا فلاحيا هاما بضواحي مدينة أرفود
II – الحدود الادارية
تحدد مجال منطقة السيفة باحداث جماعة قروية بها وذلك سنة 1992 م . وتقدر مساحتها ب60 كلم مربع وتحدها اداريا خمس جماعات
وهي كالتالي :
- جماعة عرب الصباح زيز شمالا .
- جماعة عرب الصباح غريس وجماعة امسيصي غربا .
- جماعة عرب الصباح زيز وجماعة بني امحمد شرقا .
- جماعة بني امحمد وجماعة اسفلات جنوبا .
وتتوزع الجماعة إلى 13 دائرة انتخابية، وفق التقسيم الانتخابي لسنة 1998 .
III – التركيبة السكانية
أ- قصر اولاد حسين : ويشكل ربع( 4/1 ) ساكنة السيفة .
ب- قصر الزاوية وقصر الكلاكلة ويشكلان الربع الثاني ( 4/1 ) .
ج – قصر الدوار وقصر السيفة وقصر المنكارة وتشكل الربع الثالث ( 4/1 )
د – قصر قصبة القائد وقصبة اولاد مومن واولاد يحيى وتشكل الربع الرابع (4/1)
وبذلك تكتمل الأربعة أرباع ، وقد كان أول قصر تم بناؤه وإعماره هو قصر الزاوية الذي كان مركز استقطاب للسكان لدوره الديني ، والذي تم تأسيسه من قبل الشيخ عبد البوبكري وبه سميت الزاوية البوبكرية، وكان ذلك حسب المرجح في القرن 16 الميلادي ، وبعد ذلك تكاثرالسكان بشكل كبير مما جعل الحاجة ماسة إلى بناء القصور الأخرى . وقد بلغ عدد السكان حسب إحصاء سنة 1994 م نحو 9159 نسمة، يشكلون 1027 أسرة ، تؤطرهم مشيختان كبيرتان تمثل كل منهما مجالا خاصا هما :
* مشيخة السيفة الشمالية
* مشيخة السيفة الجنوبية
وتقومان على تطبيق القوانين العرفية المتداولة ، كقانون الري وتوزيع حبوب الزراعة والعلف المدعوم ، إضافة إلى فض بعض النزاعات الاجتماعية والتي غالبا ما يكون سببها التنازع حول ماء السقي أو تجاوز قانون الغابة كتحديد أوقات قطاف التمور أو الرعي في المجال الفلاحي .
يعتبر مجال منطقة السيفة أرضا فلاحية بامتياز ، لذا كان من الطبيعي أن يكون النشاط الاقتصادي الغالب هو الفلاحة ، التي يشتغل بها ، أكثر من 84 % من السكان . ويتنوع النشاط الفلاحي إلى زراعة الحبوب، خاصة القمح والشعير ، وزراعة الخضروات والبقول ، هذا بالاضافة إلى رعاية أشجار النخيل والزيتون . ويعتمد في سقي هذه المزروعات على الأمطار خاصة بالنسبة للحبوب ، وعلى قنوات الري الممتدة عبر مجال المنطقة ، والتي تنطلق من سد الحسن الداخل قرب مدينة الرشيدية، كما يعتمد في سقي الخضروات والبقول على المياه الجوفية ، رغم ملوحتها وقلتها أحيانا، وعلى الخطارات التي تعتبر مصدرا رئيسيا في السقي كما كانت تستعمل مياهها للشرب قبل وصول شبكة الماء الصالح للشرب إلى المنطقة . وقد طغت الزراعة التسويقية على باقي الزراعات في العقود الأخيرة ، نظرا لجودة المنتوج ، ثم لقرب المنطقة من مركزي أرفود والريصاني ، مما جعل هذه المنتوجات تفرض وجودها في السوق ، بل يصدر بعضها كالملوخية إلى مناطق أبعد خاصة مكناس وفاس ، مما حدى بالفلاحين إلى إدخال بعض التقنيات العصرية على نشاطهم الفلاحي، كانتقاء البذور ، و المعالجة الكيماوية للمزروعات ، واستعمال المضخات في استخراج المياه الجوفية ، مما كان له بالغ الأثر في وفرة الانتاج ، وجودته ، الشيء الذي أفرز شريحة اجتماعية ميسورة تميزت عن باقي الشرائح الأخرى ، وبدأت في ولوج مجالات استثمارية جديدة كالعقار والبناء كما أفرز فئة موازية من التجار الذين اهتموا بتسويق بعض المنتوجات الفلاحية ، وخاصة التمور و الخضروات ، هذا بالإضافة الى النشاط التجاري الذي فرضته التحولات الاجتماعية المتسارعة كتجارة المواد الغذائية والملابس ولوازم البناء والتجهيز المنزلي ويمارس أغلب التجار نشاطهم بمدينتي أرفود والريصاني .
كما ظهرت نتيجة للأسباب ذاتها بعض الحرف كالنجارة والحدادة ، وكان كل ذلك أن دفع بالدولة، وفي سياق تنمية العالم القروي ، إلى إحداث بعض المرافق العمومية كالمستوصف ومركز للولادات وإحداث اعدا د ية وتعبيد الطريق الموصلة إلى المنطقة ، والكهربة وإنشاء شبكة الماء الصالح للشرب ،إلا أن المنطقة ما زالت تعاني من نقص كبير في التطبيب ، إذ لايتوفر المستوصف إلا على طبيب واحد في ( الطب العام ) لساكنة تفوق 9159 نسمة يساعده ممرضان اثنان، كما أن الوحدات المدرسية الموجودة خاصة بالتعليم الابتدائي ، لم تعد تفي بالحاجيات المطلوبة مما جعلها تعاني من التكدس والاكتظاظ ، الشيء الذي يعرقل السير العادي للعملية التربوية .
V – واقع التمدرس :
تعاني منطقة السيفة مثل معظم المناطق القروية بالمغرب من تدن كبير في البنيات التعليمية سواء النظامية أو غير النظامية مما يكون له بالغ الثر على العمل التربوي والتعليمي بشكل عام ، وخاصة في مرحلة ما قبل التمدرس ، إذ لايزال تقليديا ذلك أن معظمه يمارس في المساجد والكتاتيب القرآنية التي يشرف عليها إمام المسجد أو بعض حفظة القرآن . مما يجعله لايلبي الحاجيات التربوية والتعليمية والنفسية للأطفال ، التي تؤهلهم إلى ولوج المدرسة بشكل طبيعي يمكنهم من مسايرة المقررات الرسمية لوزارة التربية الوطنية ولعل هذا ما حفز بعض أبناء البلد الى تفعيل هذا المجال بانشاء جمعيات تربوية تساهم في خلق وعي تربوي لدا السكان ، وشعور بأهمية التعليم الأولي وبالتمدرس ، وخاصة لدى الاناث ، غير أن جهود الوزارة في هذا الاتجاه لاتزال محتشمة في المنطقة مما يجعل الحاجة ماسة الى عمل مشترك بين وزارة التربية الوطنية والجمعيات التربوية والجماعة القروية ، من أجل ترسيخ الوعي التربوي ، والحس الجماعي بقيمة التعلم والتعليم .
أما بالنسبة للتعليم النظامي فقد عرف تطورا ملموسا خلال العقد الأخير ، إذ تتوفر السيفة الآن على مجموعتين مدرسيتين هما:
- مجموعة مدارس أم البنين : يؤمها 982 تلميذا ، منهم 454 من الاناث بنسبـــة 46,24% و 528 من الذكور بنسبة 53,76% ، يؤطرهم 33 معلما . وتتوزع الى مدرسة مركزية وفرعيتان ، الأولى بقصر الزاوية والثانية بقصر الدوار .
- مجموعة مدارس أولاد يحيى : يؤمها 665 تلميذا منهم 313 من الاناث بنسبـــة 47,06 % و 352 من ذالكور بنسبة 52,93% ويؤطرهم 23 معلما .
وتتوفر على مدرسة مركزية بقصر اولاد يحيى و فرعيتان ، الأولى بالمنكارة والثانية بقصير السيفة، كما تتوفر المدرسة المركزية على مراحيض ومكتبة وقاعة للإعلاميات .
وتتوفر كل منهما على مطاعم مدرسية تقدم وجبة غذائية للمحتاجين من التلاميذ. غير أن البنية التعليمية لازالت تعاني من نقص كبير في الوسائل التعليمية والبيداغوجية ، كما تعاني تجهيزاتها ( الطاولات ، السبورات ، الكراسي ، المكاتب ، النوافذ ، الأبواب) من ترد كبير . وقد تعززت البنية التعليمية هذه السنة بافتتاح اعدادية ( العيون ) الجديدة ، التي يؤمها 123 تلميذا ، منهم 19 من الاناث بنسبة 15,44% و140 من الذكور بنسبـــــة 84,55% ، يؤطرهم 11 أستاذا وأستاذة في جميع التخصصات المطلوبة ويسهر على سيرها مدير وحارس عام للخارجية ومقتصد وعون واحد وتبلغ مساحتها ( الاعدادية ) 10600 متر مربع تتوفر على 6 قاعات للتعليم العام و3 قاعات للتعليم الخاص ومختبر مشترك ، كما تقدم للتلاميذ المحتاجين القاطنين بعيدا عن المؤسسة وجبة غذاء كاملة ، وذلك تسهيلا لمتابعتهم للدراسة . كما أقدمت إدارة الاعدادية على ارجاع المنقطعين الذين بلغ عددهم ثمانية ، وذلك بأمر من النيابة ، السيء الذي حفز الفتيات على استكمال دراستهن الاعدادية بعدما كان الآباء يمنعهن من ذلك، بسبب بعد الاعداديات سواء بأرفود أو الريصاني ، وبسبب العوائق الاجتماعية التي تحول دون تعلم الاناث أو اتمام دراستهن الاعدادية او الثانوية .
وهكذا نلاحظ ارتفاعا في نسبة التمدرس بالنسبة للفتيات ، إذ تكاد تعادل نسبة الذكور ، وهذا له مدلوله الجوهري المتمثل في تحلحل البنيات التقليدية المتحكمة في الذهنية الجماعية للسكان ، والتي تحكم نظرتهم الى الفتاة ودورها ، وقدرتها على التحصيل ، بل ومن جدوى تحصيلها ، حيث أصبح تعليم الفتاة مثل الفتى ضرورة تفرضها الحياة وتطوراتها ، مما يساهم لامحالة في تكسير العديد من البنيات التقليدية والتصورات العتيقة التي تأسس عليها البناء الاجتماعي ، وخاصة البناء الأسري مما ينبأ ببروز بناء أسري جديد ومن ثمة بناء اجتماعي جديد، يكون فيه للمرأة دور مساند ومكمل لدور الرجل ، وهذا بدوره سيعيد النظر في البناء الثقافي العام. وما كل ذلك إلا محصلة مباشرة لدور المدرسة واشعاعها في الوسط ، وإن كان ذلك يحتاج إلى وقت غير قصير .
Vi - مقاربة سوسيواقتصادية
لاتخرج منطقة السيفة عن القاعدة العامة التي تحكم بنية المجتمع القروي عبر واحة زيز عموما ، ذلك أننا إذا حاولنا تفكيك الآليات البنيوية المحركة للمجال العام للسيفة ، يمكن الوقوف على أربع بنيات أساسية كبرى تقنن اشتغاله
وهي :
1 - بنية الجماعة ( اجماعة )
بنية القصر - 2
بنية القرابة - 3
4- بنية المحيط بمعناه الايكولوجي Ecologique .
1- بنية الجماعة ( اجماعة ) :
وهي البنية الأساسية، إذ تستند في اشتغالها على الادارة الجماعية لشؤون الساكنة ، لذا يشترط في عناصرها الشرف والنسب والحكمة والتحلي بشيم الكرم والضيافة والعدل والتقوى ، لأن مهامها ترتبط بما هو يومي معيش لذى الناس ، إذ تشرف على تمثيل السكان والتحدث باسمهم لدى المحاور الاخر ، سواء كان هو السلطات المخزنية أو الادارية أو جماعة مجال آخر. وتعكس هيكلة الجماعـــــــــــــــة ( اجماعة) نسبة تمثيل الشرائح الاجتماعية والعرقية لسكان القصر أو المجال بشكل عام ، إذ تظل مقاييس العرق والنسب والمال هي المحدد الرئيسي في هذه الهيكلة . وتعمل الجماعة على ادارة الشؤون العامة للناس ، وبما يرتبط بحياتهم كالسقي والحرث والجني وأوقاته ، وفض النزاعات ، والسهر على توزيع العلف والحبوب المدعومة ، كما تسهر على شؤون المسجد وحفر الخطارات ، أو تنظيف مجاري مياه السقي ، وقد يتداخل عملها أحيانا مع عمل الجماعة المحلية في هذه الشؤون أو في أعمال أخرى كتمثيل السكان لدى السلطات الاقليمية ، أو في رفع شكاوى السكان ، أو المساعدة في تنظيم عمليات تسجيل الأطفال البالغين سن التمدرس ، أو في عمليات التلقيح الدورية وسواهما من العمليات.
2- بنية القرابة :
وتشكل رابطا قويا بين سكان المجال ، ذلك أن معظم السكان ينحدرون من أصل واحد وتربط بينهم علاقات دموية متوارثة ويتشكلون من عدة أفخاد وسلالات ، تربط بينها علاقات مصاهرة . وتتأسس هذه العلاقة أيضا على بعدعرقي لايزال يهيمن على المخيال الجماعي للسكان ، وعليه يتوزع السكان إلى عدة فصائل ، أهمها : الشرفاء – المرابطين – الأمازيغ – الأحرار – الحراطين – العبيد . ولايزال لهذه المقاييس أثرها في الحياة العامة، بل وحتى في شكل توزيع السكان داخل الوحدات السكانية ( القصر ) إذ تنفرد كل فئة عرقية بزقاق أو جانب معين من القصر ، رغم بعض الاستثناءات التي بدأت تظهر مؤخرا ، كما يتحكم في توزيع المجال الزراعي للأراضي إذ توزع هذه الأخيرة حسب تراتبية عرقية واثنية ، رغم أن هذه المقاييس بدأت في التلاشي ولو بشكل بطيء جدا .
3- بنية القصر :
يعتبر القصر أكثر البنيات ضبطا واحتواء للحياة العامة في المجال القروي في السيفة ، بل وفي واحة زيز بشكل عام ، لأنه ( القصر ) عبارة عن بيوتات تربطها مداخل وزقاقات موضوعة بشكل هندسي يسهل حركة التنقل والتواصل داخل القصر ، ويحيط بذلك كله سور عال، يوجد في كل ركن من أركانه الأربعة برج للمراقبة ، كان يستعمل للحراسة ، أو لرد أي عدوان أيام السيبة التي عرفتها المنطقة خلال بعض فترات التاريخ ، إلا أن هذه البنية بدأت بدورها في التلاشي مع توالي الحقب .
4 - البنية الايكولوجية ( البيئيـة)
وهي البنية الأكثر اتساعا ، وتشمل القصر وكل المجال الفلاحي المستغل من طرف السكان ، والذي غالبا ما يحيط بالقصر . وتتشكل هذه البنية أبضا وفق المعايير ذاتها التي تتحكم في تشكيل بنية الجماعة والقصر ، ذلك أن المجال البيئي يتوزع حسب مقاييس الشرف والنسب والعرق، إذ يلاحظ أن هذا المجال تهيمن عليه عائلات عرقية معينة ذات نسب شريف ، أو ذات جاه أو مال موروث ، فيما نجد بعض السلالات العرقية لاتملك أي شبر من هذا المجال ، وتقتصر على الاشتغال لدى السلالات العرقية الأخرى ، إما بالأجرة أو بما يسمى بالخماسة ، لكن اشتغال البنية الايكولوجية يظل محكوم بالمنظومة العرفية التي تضبطه، والتي وضعت أصلا من قبل الجماعة ( اجماعة ) .
وهكذا يظهر أن هذه البنيات تتداخل فيما بينها ، وتتفاعل سلبا وإيجابا لتشكل بنية كبرى ( وهي بنية الواحة ) لكي تحافظ على وحدتها ، وتضمن وجودها واستمراريتها ، وتستطيع بذلك مقاومة تيارات التمدن الزاحفة من كل مكان عبر وسائل الاعلام ودخول الكهرباء وشبكة الماء الصالح للشرب والتمدرس النظامـــــي وغيرها من المؤثرات . ولكن رغم كل ذلك ، فقد بدأت هذه البنيات في التفكك ولو بشكل بطيء .
فالجماعة ( اجماعة ) بدأت تشتغل في مجالات جديدة كالمساعدة على تنظيم الاستفتاءات والعمليات الانتخابية ولو بشكل غير رسمي ، والمساهمة في تهييء الظروف الملائمة للعمل التعليمي والتربوي ، وذلك من خلال جمعيات آباء وأولياء التلاميذ كتسييج المدارس أو صيانة المنشآت التعليمية ، مما أدى إلى خلخلة بنية تكوينها الشيء الذي فسح المجال أمام فئات دنيا للانضمام اليها .
كما عرفت بنية القصر تفككا واضحا حيث بدأنا نرى الكثير من السكان ينشؤون بيوتاتهم خارج القصر على حساب المجال الفلاحي ، وذلك بسبب النمو الديموغرافي ، أو رغبة في السكن الاسمنتي الذي أصبحت تفرضه التحولات الاجتماعية والحياتية ، أو بسبب الهجرة ، سواء المؤقتة أو الدائمة ، مما جعل بعض القصور شبه مهجورة . فيما بدأت البنية الايكولوجية تعرف تفككا – بطيئا – وذلك نتيجة التجزئات المتكررة للمجال الفلاحي عبر تقاسم التركات ، وبفعل بيع الأراضي لكل من يملك القدرة على الشراء ، وإن كان من خارج المنطقة ، مما غير من التقسيم الهندسي القائم على المقاييس العرقية والسلالية القديمة ، كما يبدو عامل آخر له أثر كبير في هذا التفكك وهو عدم توريث الحرف الفلاحية للأبناء وذلك بفعل التمدرس وظهور الوظائف الحكومية أو المهن الأخرى أو نتيجة آثار الجفاف المتكرر، مما جعل الأبناء يعزفون عن العمل الفلاحي الذي لايتقنونه ، أو الذي لم يعد له في نظرهم أي مردود، الشيء الذي يدفعهم إلى بيع ممتلكاتهم من الأراضي الفلاحية .
وأمام هذا التفكك النسبي للبنيات السالفة الذكر ، تبقى بنية القرابة من البنى الأكثر تمنعا عن التغيير ، اذ لاتزال الثقافة الاثنية التقليدية تحكم علاقات التزاوج والتصاهر بين السلالات العرقية داخل المجال القروي .
وأمام كل هذا أصبح دور الجمعيات المدنية في السيفة ملحا ، إذ لم تعد الجمـاعـــــــــة ( اجماعة ) قادرة على التأطير الصحي أو التربوي أو الثقافي بل وحتى الفلاحي ، كما أن الهيئات والجمعيات الوطنية او الدولية لاتستطيع بطبيعة عملها ، التعامل مع حاجيات السكان إلا من خلال تنظيمات أو هيئات قانونية مؤطرة ، الشيء الذي جعل الحاجة ملحة إلى ظهور الجمعيات التربوية والثقافية والتعاونيات الفلاحية، بالاضافة إلى المشاركة الفعلية للسكان في جمعيات أولياء التلاميذ .
خلاصات :
هكذا نلاحظ أن الوسط القروي بدأ يعرف تحولات بنيوية ظاهرة وباطنة ، مسايرة للتطور العام بالاقليم والوطن ، وهذا نتيجة تظافر عدة عوامل أهمها : التغطية الاعلامية السمعية والبصرية ، والكهربة ، والانفتاح على المراكز الحضرية المجاورة ، وارتفاع نسبة التمدرس من خلال الوعي بأهمية المدرسة ودورها الاشعاعي والتعبوي ، وكذلك نتيجة جهود الدولة المبذولة في مجال محاربة الأمية الأبجدية ، والتوعية الصحية ، خاصة بين الفتيات والنساء . لكن ، يبقى على الدولة ضرورة استغلال هذا المجال القروي كموروث ثقافي بكل أشكاله وتجلياته ، وليس كثقافة تراثية أو فلكلورية ، وذلك من أجل تنشيط ما أصبح يصطلح عليه الآن بالثقافة السياحية ، كالقصور والخطارات ، لما لذلك من أثر تنموي فاعل في التحول السوسيواقتصادي لهذا المجال ، إذ تبقى كل محاولة للتنمية خارج هذا التصور ، معرضة للمزالق والانحرافات، بل يمكن أن يكون الثقافي نفسه معرقلا للاقتصادي ومن ثمة الاجتماعي. لذلك تفرض النظرة الشمولية السوسيواقتصادية والثقافية نفسها عند كل قراءة أو في كل تصور تنموي مستقبلي ، وذلك ب :
1. التعريف بالمنطقةإعلاميا،عبر برامج وثائقية تبرز المميزات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية لها .
2. استثمارالجانب المعماري والبيئي للمنطقة في النشاط السياحي ، باعتباره موروثا حضاريا يؤرخ للمنطقة ، وليس الاقتصار على تقديمه كبهرجة فولكلورية واحتفالية .
3. تشجيع الاستثمار المحلي خاصة والوطني عامة في جميع المجالات الانتاجية ، وذلك بتسهيل المساطير المعمول بها حاليا .
4. تشجيع البحث الاجتماعي والأنتروبولوجي والأركيولوجي في المنطقة وتوفير الدعم المادي والمعنوي للمهتمين به .
5. نشر الوثائق التاريخية والمخطوطات الخاصة بالمنطقة ، وبالأخص المخطوطات المتواجدة بالزوايا ، ولدى الأشخاص .
إرسال تعليق